في تصعيد لافت على خلفية النزاع العسكري المستمر في السودان، وجّه محمد حمدان دقلو “حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة تأسيس، تهديداً مباشراً باستهداف أي مطار تُستخدم منه الطائرات المسيّرة التابعة للجيش السوداني لضرب مناطق خاضعة لسيطرة قواته في دارفور وكردفان. وفي خطاب جديد، أكد حميدتي أن المطارات التي تُطلق منها هذه المسيّرات، سواء داخل السودان أو في دول الجوار، ستُعتبر أهدافاً مشروعة لقواته، مشدداً على أن تهديداته يجب أن تُؤخذ على محمل الجد، وأنه ملتزم بوقف استخدام المسيّرات التي تستهدف المدنيين في مناطق نفوذه.
اتهامات للجيش
حميدتي اتهم الجيش السوداني بممارسة التطهير العرقي واستهداف الإدارات الأهلية، في محاولة لخلق فتنة داخل النسيج الاجتماعي، مشيراً إلى حادثة مقتل أمير قبيلة المجانين في منطقة المزروب، والتي وصفها بأنها ضربة مقصودة تهدف إلى التخويف. كما أوضح أنه لن يستهدف الحواضن الشعبية في ولايات الشمال، رغم مطالبة بعض عناصر قواته بذلك، مؤكداً أن قراره يأتي في إطار تجنب توسيع دائرة النزاع. وفي سياق آخر، اتهم حميدتي الفريق أول عبد الفتاح البرهان بمحاولة تضليل الرأي العام بشأن التخلص من الإسلاميين داخل الجيش، قائلاً إن بعض الضباط شرفاء، لكن الغالبية لا تزال مرتبطة بالحركة الإسلامية.
في ختام خطابه، وجّه حميدتي أعضاء حكومته بضرورة توفير الخدمات الأساسية للمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة تأسيس، مشيراً إلى أن استمرار الحرب لا يُعفي السلطات من مسؤولياتها تجاه السكان. هذا التوجيه يأتي في ظل ظروف إنسانية متدهورة في العديد من مناطق النزاع، حيث تعاني المجتمعات المحلية من نقص حاد في الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية، وسط استمرار العمليات العسكرية وتوسع رقعة المواجهات.
خطاب البرهان
بعد ساعات من خطاب حميدتي، ألقى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، كلمة من داخل مطار الخرطوم عقب تفقده المنشأة التي تعرضت لهجوم بطائرة مسيّرة في وقت سابق من اليوم. البرهان جدّد موقفه الرافض لأي دور مستقبلي للمرتزقة أو الجهات التي ساندت قوات الدعم السريع في جهود السلام، مؤكداً أن السودان لن يقبل بأي تسوية تُشرك أطرافاً ساهمت في زعزعة أمن البلاد. وقال إن أعداء الشعب السوداني لا يعرفون تاريخ البلاد، لأنهم طارئون على أرضها ولا يدركون حجم إصرار السودانيين على الدفاع عن وطنهم.
في خطابه، استحضر البرهان رموزاً تاريخية من النضال السوداني، قائلاً إن شهر أكتوبر يحمل دائماً بشائر الخير للسودانيين، وإن أرض السودان التي تحتضن النيل ستظل تبتسم كما ابتسمت للنهر الخالد ولرموز التحرر مثل ترهاقا وبعانخي وعلي عبد اللطيف. وأضاف أن المعتدين لن ينالوا من السودان، وأن الشعب سيستعيد مجده رغم التحديات. البرهان شدد على أن السلام يجب أن يُبنى على أسس وطنية راسخة، وأن الجيش عازم على القضاء الكامل على التمرد، مؤكداً أن موقفه من المبادرات الدولية واضح ولا يقبل التأويل: لا مكان للمرتزقة أو لمن دعمهم في مستقبل السودان.
البرهان اختتم خطابه بالتأكيد على أن الشعب السوداني تكبّد أضراراً جسيمة بسبب قوات الدعم السريع، التي وصفها بأنها تعمل ضد مصالح السودان والسودانيين. هذا التصريح يأتي في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة، وسط انقسام داخلي حاد بين الأطراف المتصارعة، وتدهور مستمر في الأوضاع الإنسانية والأمنية في مختلف أنحاء البلاد.
Source link
