أخبار العالم

“حماية الدستور” في ألمانيا.. حارس الديمقراطية والحرية والأمن – DW – 2025/11/7

عندما يتحدث رؤساء  المكتب الفيدرالي لحماية الدستورعن المخاطر التي تهدد الأمن الداخلي في ألمانيا فإنهم يتطرقون في الغالب إلى التطرف السياسي والديني.  ولكن منذ غزو روسيا لأوكرانيا الذي يخالف القانون الدولي لم تخلو أي خطبة من الإشارة إلى ما يُعرف في المصطلحات المتخصصة بالتهديد الهجين.

الأخطار اليومية: التخريب والتجسس والهجمات الإلكترونية

سينان سيلين، القائم بأعمال رئيس جهاز المخابرات الداخلية أوضح في حفل الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس جهازه في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر في برلين ما يعنيه ذلك في المقام الأول: “التخريب  والتجسس والهجمات الإلكترونية وعمليات التأثير، لا سيما من قبل روسيا”.

يجب على  جهاز حماية الدستور  أن يتصدى باستمرار للأخطار القديمة والجديدة. وقد تأسس هذا الجهاز في 7  تشرين الثاني/ نوفمبر 1950 في كولونيا كرد فعل على بداية الحرب الباردة بين دول الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي. وكان التجسس جزءًا من أدواته مثله مثل التسلح العسكري بالأسلحة النووية.

في سبعينيات القرن الماضي استخدمت الشرطة هذه الصور للبحث عن الإرهابيين المشتبه بهم من جماعة الجيش الأحمر (RAF).
في سبعينيات القرن الماضي استخدمت الشرطة هذه الصور للبحث عن الإرهابيين المشتبه بهم من جماعة الجيش الأحمر (RAF).صورة من: Polizei/dpa/picture-alliance

ذكريات سيئة عن الغستابو في العهد النازي

على الرغم من هذا الوضع الخطير كان هناك تحفظات قوية بين السكان تجاه إنشاء جهاز مجابرات جديد. وقد أشار إلى ذلك القاضي السابق في المحكمة الدستورية الاتحادية أودو دي فابيو خلال الحفل. كان الألمان لا يزالون يشعرون بالخوف الشديد من الشرطة السرية (الغستابو) خلال الحقبة النازية: “الخوف من أولئك الرجال الذين يرتدون معاطف جلدية والذين كانوا في الفجر يختطفون أشخاصا عزل تم الإبلاغ عنهم بجبن إلى زنزانات التعذيب الخاصة بهم ثم ينقلونهم إلى معسكرات الاعتقال”.

على هذه الخلفية التاريخية قررت القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية أن جهاز المخابرات الداخلية لا يجوز له سوى مراقبة ومتابعة الأعداء المحتملين للديمقراطية. أما التحقيقات وتفتيش المنازل واعتقال المشتبه بهم فهي من اختصاص الشرطة.

لا يمكن التحقق من النجاحات

من المفترض أن تكون وكالة حماية الدستور نظام إنذار مبكر لحماية النظام الديمقراطي الليبرالي في ألمانيا. يعمل هذا النظام أحيانا بشكل جيد وأحيانا بشكل سيئ. عندما يتم منع هجمات مخططة من قبل إسلامويين متطرفين أو خطط انقلابية من قبل متطرفين يمينيين غالبا ما تنسب وكالة الأمن التي تسمى رسميا جهاز استخبارات هذه النجاحات لنفسها.

 

ولكن من طبيعة أجهزة المخابرات ألا تنشر مصادر معلوماتها. فهي لا يجوز لها سوى نقل النتائج إلى الشرطة وإبلاغ لجنة الرقابة البرلمانية في البوندستاغ. تضم هذه اللجنة نوابا مكلفين بمراقبة سلامة عمل جهاز حماية الدستور. فعلى سبيل المثال لا يجوز مراقبة اتصالات الأشخاص المشتبه بهم إلا بإذن قضائي.

الخطر يتغير باستمرار

منذ سبعينيات القرن الماضي أصبح التطرف اليساري محط اهتمام متزايد. فقد أرهبت جماعة الجيش الأحمر ألمانيا الاتحادية بعمليات اختطاف وتفجيرات وقتل. وعندما حلت جماعة الجيش الأحمر نفسها في عام 1998 حظيت وكالة حماية الدستور بفترة راحة، لكنها لم تدم طويلا.

في 11 أيلول/ سبتمبر 2001 قاد  إسلامويون طائرات إلى برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك. لقي ما يقرب من 3000 شخص حتفهم في هذا الهجوم الإرهابي. تم التخطيط لهذه الهجمات غير المسبوقة في مدينة هامبورغ. لكن على الرغم من أن جهاز المخابرات الألماني كان يراقب العقل المدبر لهذه الهجمات إلا أنه لم يتم القبض عليهم.

ما هو الدور الذي لعبته وكالة حماية الدستور في قضية NSU؟

يعتبر اليمين المتطرف منذ سنوات عديدة أكبر خطر يهدد الديمقراطية. وهذا ما تؤكده وكالة حماية الدستور. ومع ذلك فقد وقع في موقف حرج بعد الكشف عن الجماعة الإرهابية NSU التي قتلت عشرة أشخاص بين عامي 2000 و 2007. وكانت هناك أسباب عديدة لذلك: اتصالات مشبوهة مع متطرفين يمينيين تم دفع أموال لهم لقاء العمل كمخبرين وتدمير ملفات تتعلق بـ NSU.

تجنب وزير الداخلية الاتحادي المسؤول عن حماية الدستور ألكسندر دوبرينت خلال الاحتفال بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الهيئة الإدلاء بأي تصريحات انتقادية على الرغم من بعض الفضائح. بل على العكس كان السياسي المسيحي الاجتماعي مليئا بالثناء: “كانت ولا تزال وتبقى الهيئة الاتحادية لحماية الدستور ضامنة للحرية والأمن وسيادة القانون في ألمانيا”.

في مرمى أجهزة الاستخبارات: اليسار وحزب البديل من أجل ألمانيا

تتصدر أجهزة المخابرات الداخلية عناوين الصحف مرارا بسبب مراقبة السياسيين والأحزاب. وقد تأثر بذلك حزب اليسار وكذلك  حزب البديل من أجل المانيا المصنف على أنه   يميني متطرف.  وفي العديد من الإجراءات القضائية كان الفوز أحيانا من نصيب هذا الطرف وأحيانا من نصيب الطرف الآخر.

يرى القاضي الدستوري السابق أودو دي فابيو أن المهمة الصعبة بشكل خاص التي يواجهها جهاز حماية الدستور هي الحفاظ على التوازن في إطار جمع المعلومات والتجسس. إلى جانب الأساليب التقنية مثل مراقبة الهواتف يتم أيضا استخدام مصادر بشرية أي المخبرين التقليديين.

ما هو المسموح به لحماية الدستور؟

في هذا الصدد يرى دي فابيو أن هناك سؤالين حاسمين: “ما هي المصادر الفعالة لمراقبة أعداء الديمقراطية والحصول على معلومات عنهم؟ وأين لا يجوز تجاوز الحدود حتى لا ينتشر عدم الاستقرار في المجتمع؟”. تعمل وكالة حماية الدستور منذ 75 عاما في هذا المجال الحساس بين الحرية والأمن لحماية الديمقراطية.

أعده للعربية: م.أ.م


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى