
ترحيب ستارمر يفتح عليه باب الانتقادات
ربما لو كان يعلم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عواقب تدوينته على موقع “اكس” حول الناشط السياسي المصري علاء عبدالفتاح، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والبريطانية، لتردد في نشرها، أو ربما لم يكن لينشرها بالأساس. فمساء الجمعة (26 ديسمبر/ كانون الأول 2025)، أشاد ستارمر بعودة علاء عبد الفتاح إلى الأراضي البريطانية، في نفس اليوم، بعد أن رفعت السلطات المصرية حظر السفر الذي أجبره على البقاء في البلاد منذ إطلاق سراحه في سبتمبر / أيلول.
وكتب ستارمر على “اكس”: “يسرني عودة علاء عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة واجتماعه بأحبائه، الذين لا شك أنهم يشعرون بارتياح كبير. أود أن أتقدم بالشكر والتقدير لعائلة علاء، ولكل من عمل وناضل من أجل هذه اللحظة”. وتابع رئيس الحكومة البريطانية: “لقد كانت قضية علاء على رأس أولويات حكومتي منذ تولينا السلطة. وأنا ممتن للرئيس (عبد الفتاح) السيسي لقراره بمنح العفو“.
منشورات قديمة تعود للواجهة
حصلت تلك التدوينة على تفاعل واسع فتم إعادة نشرها ما يقرب من 5 آلاف مرة وحازت على ما يقرب من 21 ألف تعليق (حتى صباح اليوم الاثنين29/12/2025)، أغلبها سلبية ورافضة لكلام ستارمر ولعلاء عبدالفتاح. فبعد وقت قصير من وصول عبد الفتاح إلى مطار هيثرو في لندن، بدأ منتقدوه بنشر منشورات قديمة له على مواقع التواصل الاجتماعي، بدا فيها وكأنه يدعو للعنف والقتل.
وذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن عبد الفتاح صرّح سابقًا بأن التصريحات أُخرجت من سياقها وأنها جزء من “محادثة خاصة” جرت خلال هجوم إسرائيلي على قطاع غزة. ولم يردّ الفريق الإعلامي لعبد الفتاح على الفور على طلب للتعليق، ولم يتضح بعد ما إذا كانت المنشورات صحيحة، بحسب ما كتبت وكالة أسوشيتد برس (أ ب).
خلال الأيام التالية لوصوله، نشرت الصحف البريطانية تقارير عن تغريدات لعبد الفتاح على منصة “تويتر” السابقة بين عامي 2008 و2014، تضمنت دعوات للعنف. ويوم السبت، أعيد تداول تغريدات أخرى على “اكس” بدت معادية للسامية.
هجوم على ستارمر بسبب عبدالفتاح
أصبح علاء عبد الفتاح (44 عاما) وتدوينة ستارمر محور جدل واسع في بريطانيا والشرق الأوسط. وتعرض رئيس الوزراء البريطاني إلى انتقادات حادة. فعلى سبيل المثال انتقد روبرت جنريك، وهو عضو بارز في حزب المحافظين المعارض، ستارمر (أول أمس السبت) لتعبيره عن “تأييد شخصي وعلني” لعبد الفتاح.
وطالب روبرت جنريك، وزير العدل في حكومة الظل عن حزب المحافظين، بكشف ما إذا كان ستارمر على علم بالمنشورات القديمة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يتردد أن عبد الفتاح أيد فيها قتل “الصهاينة” وأفراد الشرطة. ودعا جنريك أيضا ستارمر إلى إدانة تصريحات عبد الفتاح وسحب “تأييده المطلق” للناشط.
واعتبر جنريك أنه ينبغي سحب الجنسية البريطانية من علاء وطرده، وكتب: “لا ينبغي سجن أي شخص تعسفياً أو بسبب معارضة سلمية، ولكن لا ينبغي لرئيس الوزراء أيضاً أن يضع سلطة منصبه خلف شخص تتجاوز كلماته حدود العنصرية وإراقة الدماء”.
كما دعا نايغل فاراغ، زعيم حزب “إصلاح المملكة المتحدة” اليميني الشعبوي، الذي يتصدر حاليًا استطلاعات الرأي، إلى ترحيل عبد الفتاح من بريطانيا.
وقالت كيمي بادينوش، زعيمة حزب المحافظين المعارض، إن على البلاد النظر في الأمر.
وأعرب المجلس الممثّل لليهود في بريطانيا عن “قلق بالغ” إزاء تصريحات متطرّفة وعنيفة تستهدف “الصهاينة والبيض عموما وتشكّل تهديدا لليهود البريطانيين والجمهور العريض”.
إيلون ماسك يدخل على الخط
على “إكس”، نشر حساب باسم David Betz تغريدة منسوبة لعبد الفتاح تدعو إلى “إطلاق النار بعشوائية على الرجال البيض”، ليرد الملياردير إيلون ماسك، صاحب اكس قائلاً: “الهجرة الجماعية للأشخاص الذين يريدون قتل البيض هي إبادة جماعية للبيض!”.
ردود الحكومة البريطانية واعتذار عبد الفتاح
ونفي مصدر في مكتب ستارمر أن يكون الترحيب بعودة عبد الفتاح بمثابة تأييد لآرائه السياسية، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا).
وقال ناطق باسم الخارجية البريطانية أمس الأحد إن “الحكومة تشجب التغريدات السابقة للسيّد علاء عبد الفتاح وتعتبرها بغيضة”.
وذكّر أن “الحكومات المتتالية عكفت منذ فترة طويلة على وضع تحريره وعودته إلى عائلته في بريطانيا في قلب أولوياتها”، فيما تواجه الحكومة العمّالية الحالية انتقادا شديدا من المعارضة في هذا الخصوص.
واليوم الاثنين قدّم عبد الفتاح اعتذاره عن منشوراته السابقة، وكتب في تعليق نشرته منظمة “الحرية لعلاء” في حسابها على موقع اكس “بالنظر إلى تلك التغريدات اليوم، تلك التي لم تتعرّض للتحوير بالكامل، أدرك إلى أيّ مدى هي صادمة ومؤذية وأعتذر اعتذارا لا لبس فيه”. وأضاف: “كانت في معظمها تعبيرًا عن غضب وإحباط شاب في زمن الأزمات الإقليمية – الحروب على العراق ولبنان وغزة – وتصاعد وحشية الشرطة ضد الشباب المصري”.
تفاعل إعلامي واسع و”شماتة” بمواقع التواصل
الجدل حول علاء عبدالفتاح وتدويناته القديمة كانت مثار حديث وحوارات في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في مصر وبريطانيا ودول أخرى، منها ألمانيا. فقد نشر موقع صحيفة “برلينر تسايتونغ” الألمانية صباح اليوم الاثنين مقالا بعنوان: ناشط يريد إطلاق النار على الرجال البيض عشوائياً يعود إلى إنجلترا: وتساءلت الصحيفة لماذا يشعر رئيس الوزراء ستارمر “بالسعادة”؟
وتناولت الصحف البريطانية ووسائل الإعلام في مصر والشرق الأوسط القضية منذ السبت مرارا وتكرارا وما تزال تتفاعل مع كل جديد بشأنها.
أما على مواقع التواصل الاجتماعي فكانت هناك “شماتة” من جانب منتقدي علاء عبدالفتاح من المدونين والمعلقين في تلك المواقع. وطالب كثير منهم من علاء عبدالفتاح “الاعتذار لمصر مثلما اعتذر لبريطانيا”. وقالت الإعلامية المصرية شيرين هلال على تويتر إن علاء لم يعتذر “لك انت يا مواطن مصري لا ابسلوتلي، طبعا السيد علاء عبدالفتاح اعتذر لبريطانيا وحكومتها وشعبها وللضباب في لندن ..”.
فيما ذهب رجل الأعمال المصري المقيم في بريطانيا أشرف السعد بعيدا في منشور له على موقع “اكس” وقال إن علاء عبد الفتاح “إرهابي من فصيل الدواعش” لأنه، حسب كلام السعد، “كان بينادي بقتل أبناء ضباط الشرطة وتعذيب أمهاتهم…”.
فيما رأى المدافعون عن علاء عبدالفتاح أن “الهجمات عليه تأتي بسبب مواقفه الداعمة للفلسطينيين وكذلك بسبب مناهضته للمسار السياسي في مصر”، بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
معلومات عن علاء عبد الفتاح
علاء عبدالفتاح هو ابن المحامي والحقوقي اليساري الراحل أحمد سيف الإسلام عبدالفتاح. وحصل علاء على الجنسية البريطانية عام 2022 من والدته ليلى سويف، عالمة الرياضيات البارزة والمولودة في بريطانيا. وعارض جميع الرؤساء المصريين منذ مطلع الألفية، وأوقف آخر مرة عام 2019 بسبب منشور عن عنف الشرطة، وحُكم عليه في 2021 بالسجن خمس سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.
في سبتمبر/ أيلول 2025، صدر عفو من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي عن علاء عبدالفتاح ليغادر السجن ويعود لمنزله في القاهرة مساء الاثنين (22 سبتمبر/ أيلول). وقبل شهرين من إطلاق سراحه، أزالت محكمة جنايات القاهرة اسمه من قوائم الإرهاب بعد تحقيقات أثبتت عدم صلته بجماعة الإخوان المسلمين.
رويترز، أ ف ب، د ب أ، أ ب
Source link



