
يعتبر الثلاثاء 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، يوما مهما لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، فهو موعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأمريكا، بعد سبع سنوات منذ زيارته لها عام 2018.
وخلال الزيارة المرتقبة، من المتوقع الإعلان عن اتفاقية وصفقات أسلحة جديدة بين البلدين، وهو ما يعتبره محللون تسريعا لوتيرة تطبيق استراتيجية الرئيس دونالد ترامب الكبرى للشرق الأوسط.
من جهته، يسعى ولي العهد السعودي جاهدا، حسب تقارير إعلامية، إلى إبرام اتفاقية أمنية واتفاق نووي مع الولايات المتحدة، لكن من غير المتوقع أن يعترف بإسرائيل قريبا، على عكس رغبة الرئيس ترامب، التي عبر عنها مرارا.
فبعد تَفَاخُره الكبير والواضح بالتمكن من وقف إطلاق النار في غزة، أعلن ترامب أنه قد يحقق قريبا انتصارا كبيرا آخر في السياسة الخارجية، عبر إقناع السعودية بالاعتراف بإسرائيل قبل نهاية العام.
لكن من المرجح، حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، أن يُصاب بخيبة أمل. فولي العهد السعودي، الذي يخطط لأول زيارة له إلى الولايات المتحدة منذ سبع سنوات، لديه أولويات أكثر إلحاحا. وإقامة علاقات مع إسرائيل بالنسبة لولي العهد، وهو الحاكم الفعلي للمملكة، هدف ثانوي حاليا، وقد يستغرق سنوات.
اتفاقيات دفاع وأخرى عن ملف النووي
يتضمن جدول أعمال محمد بن سلمان في زيارته الرسمية لواشنطن بحث اتفاقية دفاع مشترك، من المتوقع أن توقعها عليها السعودية والولايات المتحدة، وفقا لمسؤول أمريكي وشخص آخر مطلع على ترتيبات الزيارة.
وقال المسؤولان للصحيفة الأمريكية، شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن الاتفاقية ستكون مشابهة لاتفاقية أمنية حديثة أبرمتها الولايات المتحدة مع قطر. وتريد السعودية أيضا، حسب المسؤولين، الحصول لسلاحها الجوي على طائرات إف-35 الشبحية – وهي أكثر الطائرات المقاتلة الأمريكية تطورا.
وسيكون تأمين صفقة نووية واتفاقية دفاعية، كما طلب بن سلمان سابقا، فوزا لولي العهد السعودي؛ حتى ولو لم تكن اتفاقية مُصادقا عليها من قبل الكونغرس.
وكانت إدارة بايدن تجري محادثات معه بشأن كلا المطلبين السابقين، لكنها أصرت على أن تُطبّع السعودية علاقاتها مع إسرائيل في المقابل. وقد توقفت تلك المحادثات بعد اندلاع الحرب في غزة، وانتشار الغضب الشعبي ضد إسرائيل في الشرق الأوسط، لكن هذا لن يمنع ترامب من المحاولة، حسب نيويورك تايمز.
هل ينجح ترامب؟
في مقابلة مع مجلة تايمز في 15 أكتوبر/ تشرين الأول، قال الرئيس الأمريكي إنه يعتقد أنه “قريب جدا” من اتفاق تُقيم بموجبه المملكة العربية السعودية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، متوقعا أن يحدث ذلك بحلول نهاية العام.
لكن علي الشهابي، المحلل المقرب من السلطة في السعودية، قال في تقرير لنيويورك تايمز إن إقامة علاقات رسمية بين البلدين “تبدو شبه مستحيلة” بحلول نهاية العام، “ما لم يحدث تغيير كبير في إسرائيل”.
وأضاف الشهابي أن الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 40 عاما، يرى أن التطبيع مشروط باتخاذ إسرائيل “خطوة كبيرة لا رجعة فيها نحو إقامة دولة فلسطينية“. واعتبر أن الاتفاق السعودي الإسرائيلي هو الورقة الجدية الوحيدة المتبقية لدولة عربية لاستخدامها نيابة عن الفلسطينيين.
وأوضح الشهابي: “تريد المملكة استخدام هذه الورقة لمحاولة حل المشكلة نهائيا لصالح الاستقرار الإقليمي الذي طال انتظاره. لكن هذا الأمر مستبعد للغاية في ظل المناخ الحالي، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والسياسيين اليمينيين المتطرفين في ائتلافه قالوا إنهم لن يدعموا قيام دولة فلسطينية”.
لكن ترامب يأمل فعلا في إقناع السعودية ودول الخليج الأخرى، بالاستثمار في غزة أو إعادة إعمارها، كما أنه لسنوات، أعرب أكثر من مرة عن رغبته في انضمام المملكة إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.
غير أن السعودية “أكدت مرارا وتكرارا على ضرورة وجود دولة فلسطينية لإتمام مثل هذه الصفقة”، وفقا لياسمين فاروق، مديرة مشروع الخليج وشبه الجزيرة العربية في مجموعة الأزمات الدولية البحثية.
وأضافت فاروق أن “هذا لا يعني أن التطبيع غير وارد تماما بالنسبة للمملكة العربية السعودية”. وأضافت أنه “مادام أن حكومات الخليج تسعى لكسب ود واشنطن من خلال بناء علاقات مع إسرائيل، سيظل التطبيع دائما على الطاولة”.
أما بالنسبة لولي العهد السعودي، فستكون زيارة الدولة للولايات المتحدة مناسبة بالغة الأهمية، فقد زارها آخر مرة في عام 2018 في جولة فخمة استمرت ثلاثة أسابيع، التقى خلالها ليس فقط بترامب، بل أيضا بعمالقة الأعمال والإعلام الأمريكيين. ونشر رسالة حول التنوع الاقتصادي للمملكة الغنية بالنفط وتحولها الاجتماعي، بما في ذلك منح المرأة حقوقا أكبر.
ماذا سيحل بطموحات بن سلمان النووية؟
من المُرجح، حسب تقرير نشرته الصحيفة الإسرائيلية “إسرائيل هايوم”، أن يستغل الأمير بن سلمان، تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين حول رغبتهم في إعادة بناء المواقع النووية المُدمرة ومواصلة التخصيب، لتبرير طموحاته النووية.
كما من المتوقع، حسب الصحيفة ذاتها، أن يُضيف هذا المطلب إلى قائمة شروط تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بعد أن أُدرج طلبه السابق بخارطة طريق نحو أفق سياسي إسرائيلي-فلسطيني في خطة ترامب المكونة من عشرين نقطة.
وقد أشار تقرير الصحيفة الإسرائيلية، إلى أن السعودية، التي رحّبت بوقف إطلاق النار في غزة وأعربت عن أملها في الاستقرار، لا تزال متشككة، كما هو حال الإمارات العربية المتحدة، من جدوى خطة ترامب لإنهاء الحرب.
وقد اشترطت الدولتان مشاركتهما في إعادة إعمار غزة ووقف إطلاق نار مستدام ومستقر وانسحاب إسرائيلي تدريجي، ونزع سلاح حركة حماس الإرهابية، ونقل السلطة إلى السلطة الفلسطينية أو أي هيئة أخرى معترف بها دوليا.
ومن المرجح أن يحاول ترامب وفريقه دمج هذه الشروط في اتفاق التطبيع الذي يُتوقع أن تقبله إسرائيل.



