
منذ سقوط الفاشر آخر المعاقل الرئيسية للجيش السودان في إقليم دارفور، توالت الشهادات عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي وهجمات على عمال الإغاثة وعمليات نهب وخطف.
في هذا السياق يقول الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وأوروبا مارك شامبيون في مقال نشره موقع “بلومبرغ” إن ثمة لحالة من التجاهل الغربي للصراع الدموي في السودان رغم أن حجم المعاناة الإنسانية الناجمة عن هذا الصراع تفوق ما الصراع في أوكرانيا وغزة.
وقال إن الحرب الأهلية السودانية، التي بدأت عام 2023، تُعد نموذجا “للفوضى المسلحة التي قد تميز العالم في مرحلة ما بعد الهيمنة الأمريكية.”
ويشير شامبيون إلى أن الصراع في السودان يجذب قوى إقليمية ودولية تسعى للنفوذ، مثل الإمارات والسعودية وقطر ومصر، إضافة إلى الصين وروسيا وإيران وليبيا.
وقال الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وأوروبا إن الذهب والزراعة والمياه وموانئ البحر الأحمر هي أبرز المكاسب التي تتنافس عليها هذه الأطراف.
وأشار إلى أن الوضع الإنساني في السودان باتت كارثيا إذ يعاني ملايين النازحين من الجوع، منتقدا عدم وجود أي إرادة دولية حقيقية لحل الأزمة.
والمح إلى أن تقسيم السودان إلى شرق وغرب هو السيناريو الأكثر احتمالا، مما يهدد بتكرار تجربة جنوب السودان التي انتهت بصراعات داخلية.
وأشار الكاتب إلى أن طريق حل الأزمة في السودان تبدأ بالعمل على تحقيق تسوية بين القوى الأجنبية المتنافسة ورطة في السودان، كخطوة أولى لتجنب العودة إلى صراعات القرن التاسع عشر على النفوذ والموارد في عالم متعدد الأقطاب.
دور الإمارات المزدوج
وسلط الكاتب الضوء على أن الإمارات تلعب دورا مزدوجا فهي تدعم قوات الدعم السريع وتشتري الذهب من الحكومة السودانية، مما يجعلها ممولا للطرفين.
وكشف الكاتب أنه بحسب البنك المركزي السوداني، فقد اشترت الإمارات نحو 97٪ من صادرات السودان الرسمية من الذهب في عام 2024، وهي صادرات تخص حكومة عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش.
في المقابل، تراجعت الولايات المتحدة عن دورها التقليدي في الوساطة، بسبب مصالحها مع دول الخليج، وغياب السودان عن أولويات إدارة ترامب.
الوضع الإنساني كارثي: ملايين النازحين، وملايين يعانون من الجوع، ولا توجد إرادة دولية حقيقية لحل الأزمة. ويبدو أن تقسيم السودان إلى شرق وغرب هو السيناريو الأكثر احتمالًا، مما يهدد بتكرار تجربة جنوب السودان التي انتهت بصراعات داخلية.
في هذا الإثناء، قُتل 40 شخصا على الأقل وأصيب آخرون في هجوم على تجمع عزاء في الأُبيض عاصمة شمال كردفان، بحسب ما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الأربعاء .
ولم يحدد المكتب الجهة التي تقف وراء الهجوم في الوقت الذي تشهد فيه مدن كردفان تواجدا مكثفا للجيش السوداني الذي يسيطر على المدينة وقوات الدعم السريع التي تحاول إحراز تقدم فيها.
“مزيد من التدهور“
وتعتبر الأُبيض نقطة حيوية على الطريق الذي يصل الخرطوم بإقليم دارفور الذي أحكمت قوات الدعم السريع قبضتها عليه الأسبوع الماضي بالسيطرة على الفاشر.
وتعد الأبيض طريقا رئيسا للإمدادات ومركزا لوجستيا وقياديا، علما أنها تضم مطارا أيضا.
وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن “الوضع الأمني في منطقة كردفان مستمر في التدهور”.
وأفاد سليمان بابكر الذي يقطن أم صميمة الواقعة غرب الأُبيّض فرانس برس بأن “عدد مركبات قوات الدعم السريع ازداد” في المنطقة بعد سيطرتها على الفاشر.
وتتهم قوات الدعم السريع المنبثقة من ميليشيات الجنجويد بأنها ارتكبت قبل عقدين إبادة جماعية ومذابح إثنية في دارفور. وتواجه كذلك اتهامات بارتكاب جرائم وأعمال عنف خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
ويواجه الجيش كذلك اتهامات باستهداف المدنيين والبنية التحتية في مناطق سيطرة الدعم السريع.
وأسفر النزاع في السودان حتى الآن عن مقتل عشرات الآلاف وأجبر نحو 12 مليونا على النزوح أو اللجوء خارج البلاد، وتسبب بأكبر أزمتي نزوح وجوع في العالم، وفق الأمم المتحدة.
تحرير: عماد غانم
Source link



