أخبار العالم

هل تنهي وساطة شتاينماير سجن صنصال وأزمة الجزائر مع باريس؟ – DW – 2025/11/11

لفتة من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير لاقت ترحيبا وإشادة من الرئاسة الجزائرية، فالطلب الذي تلقاه الرئيس عبد المجيد تبون الإثنين (10 نوفمبر/تشرين الثاني 2025)، والذي يتضمن دعوة للعفو عن الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، المسجون في الجزائر منذ عام، تم نشره على موقع الرئاسة الجزائرية الرسمي.

وذكر الموقع الإلكتروني للرئاسة الجزائرية أن الرئيس الألماني أوضح في رسالته أن “بوعلام صنصال، الذي تقدم في السن وتدهورت حالته الصحية، يحتاج إلى السماح له بالسفر إلى ألمانيا لتلقي العلاج”. وأكد شتاينماير أن هذه المبادرة ستكون “تعبيرًا عن روح إنسانية ورؤية سياسية ثاقبة”، مشيرًا إلى أنها تعكس أيضًا “العلاقة الشخصية الراسخة” التي تربطه بالرئيس تبون، إلى جانب “العلاقات الممتازة بين البلدين”، وفق الرسالة. 

لغة الرسالة التي صيغت بما اعتبره المحللون “خطاب قد يمهد لتغييرات كبيرة”، كانت ربما سببا في الترحيب بها.

لكن ما الهدف من إعلان المبادرة الألمانية دون غيرها؟

الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال يلقي محاضرة ويلتقي بقرائه في حفل تنصيب ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب لعام 2024 في ستراسبورغ شمال شرق فرنسا.
الرئيس الألماني أوضح في رسالته أن “بوعلام صنصال، الذي تقدم في السن وتدهورت حالته الصحية، يحتاج إلى السماح له بالسفر إلى ألمانيا لتلقي العلاج”صورة من: Nicolas Roses/ABACA/picture alliance

تعدد الشراكات الجزائرية الأوروبية

في ظل تدهور العلاقات الجزائرية الفرنسية على مدى الأشهر الماضية، يعتبر حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي، أن ما تريده الجزائر من نشر الخبر بشكل رسمي، هو أن “توضح أنها تربطها علاقات جيدة مع ألمانيا وبأن علاقاتها متعددة مع دول أوروبية قوية”. ويضيف المتحدث أنها “أرادت في الوقت ذاته، أن تخرج من سيطرة هذه العلاقة الثنائية، التي تعرف انتكاسة منذ فترة، والتي زادت حدتها بعد توقيف الكاتب صنصال”.

لكن الإرادة الجزائرية، تأتي في سياق كون “الجزائر تولي لألمانيا مكانة مهمة في علاقاتها ومسارها التفاوضي مع دول الاتحاد الأوروبي”، حسب العبيدي، وليس فقط من أجل إغناء مسار تنويع علاقاتها مع دول القارة العجوز. ويرى عبيدي أن هذا المسار “بدأ مع إيطاليا وإسبانيا، والآن تعمل الجزائر على جعل ألمانيا أحد قاطرات العلاقة الاقتصادية والسياسية مع فرنسا”.

واستحضر الخبير الجزائري عددا من الوساطات السابقة من دول أخرى طالبت بالإفراج عن صنصال لأسباب إنسانية، لكن إيلاء الأهمية للمبادرة الألمانية يمكن أن يُفسر حسب عبيدي “أنه مؤشر إيجابي على أن الرئيس تبون يمكن أن يستجيب لهذا الطلب لكونه إنسانيا، ولأن الرسالة صيغت بشكل موفق جدا، إذ أنها تربط ما بين إطلاق سراح صنصال لأسباب إنسانية وما بين الالتفاتة الإنسانية للرئيس تبون، مما يجعلها تُقرأ على أنها عربون للصداقة ما بين البلدين”.

هل تبحث الجزائر عن بديل أوروبي لفرنسا؟

العلاقة ما بين الجزائر وفرنسا لا تشبه أي علاقة أخرى بأي بلد أوروبي، لأسباب تاريخية، و”العمل على تنويع العلاقات أمر مطلوب وجيد في العلاقات الدولية” في رأي عبيدي، إلا أنه “لا يمكن لأي دولة في أوروبا أن تحل محلل فرنسا”.

وبالإضافة للعلاقة التاريخية، استحضر المتحدث عدد الجزائريين المقيمين في فرنسا ممن أصبحوا مواطنين فرنسيين، والذي تجاوز المليون، إضافة إلى حجم المبادلات التجارية التي تبقى أقوى بكثير من أي تبادل مع أي دولة أوروبية أخرى.

وقال عبيدي في مقابلة مع DW، “هناك تضامن ما بين الدول الأوروبية، ولا أستبعد يكون الطلب الألماني بإيعاز من الرئيس الفرنسي، بحكم العلاقة القوية جدا بين ماكرون وشتاينماير”. واعتبر المتحدث أن ذِكر الرئيس الألماني “لحصول صنصال على جائزة ألمانية هي إشارة مهمة”، معتبرا أنه “يشير إلى أن صنصال ليس كاتبا جزائريا فرنسيا فقط، لكنه شخصية ذات وزن على المستوى الأدبي في ألمانيا“.

صنصال الذي أقام سابقا في برلين، والحائز على جائزة اتحاد الناشرين الألمان للسلام لعام 2011، لم يختف اسمه عن التظاهرات الثقافية الألمانية، إذ شهدت العديد المناسبات محطات لاستحضار ملف اعتقاله، وطالبت أصوات بارزة في النسخة الأخيرة من معرض الكتاب الدولي بفرانكفورت بإطلاق سراحه”.

لكن عبيدي يرى أن “الضغط الذي قد يمارسه الأدباء والناشرون لن يصل لحجم الضغط التي تمارسه الأحزاب السياسية، مثل حزب الجمهوريين اليميني في فرنسا، وحزب الجبهة الشعبية الذي تتزعمه لوبين، الذين يطالبون بصفة منتظمة من داخل البرلمان، الرئيس ماكرون ووزير الخارجية، بعدم التهاون أو نسيان ملف صنصال”.

مؤشرات على فتح صفحة جديدة بين فرنسا والجزائر

جاءت رسالة الرئيس الألماني في سياق بوادر انفراج بين الجزائر وباريس، فقد تغيّر وزير الخارجية الفرنسي “الذي كانت الجزائر بالنسبة له ورقة انتخابية، واعتبرته السلطات الجزائرية سدا أمام أي حل للمشاكل القائمة مع فرنسا”.

أما الوزير الجديد، جان نويل بارو، فيعتبر حسب المحلل “ذو توجه مغاير، إذ يرى أن أي صراع مع الجزائر غير مجد”، كما يرى عبيدي أن “الزيارات المرتقبة لمسؤولي البلدين في القادم من الأيام، تعتبر من أهم البوادر التي تؤثث لبصيص أمل، وتزامنها مع رسالة الرئيس الألماني، يجعل الأمل أكبر بكثير من السابق”.

وكان وزير الخارجية الفرنسي قد صرح يوم الخميس الماضي بأن باريس تجري “حوارًا لا بدّ منه” مع الجزائر للإفراج عن صنصال والصحفي الفرنسي كريستوف غليز. كما تأمل باريس في استئناف التعاون في ملف الهجرة والأمن، وفيما يتعلق باتفاقية 1968 بين فرنسا والجزائر، التي تمنح مزايا للمهاجرين الجزائريين، أكد بارو أنه يؤيد إعادة التفاوض بشأنها “في إطار احترام سيادة البلدين”.

بالنسبة لعبيدي، فإن “خروج صنصال من السجن يجب أن يكون بقرار عفو رئاسي مع ذكر أسباب قوية منها الإنسانية، أي لابد من إيجاد إخراج للقرار، إذ لن يكون فقط لأجل الرد إيجابيا على الطلب الألماني، لكن باستحضار الرأي العام الجزائري، فقد تم ربط عملية إيقافه، بالأمن الوطني مع استحضار مواد مهمة من قانون الجنايات، وهذا ما يجعل الرئيس تبون أمام تحد كبير”.

تحرير: عبده جميل المخلافي




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى