
بدأت جلسة خاصة حول الوضع في مدينة الفاشر بالسودان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف اليوم الجمعة (14 نوفمبر/تشرين الثاني 2025)، وسط مخاوف شديدة من تكرار عمليات القتل الجماعي التي وقعت أثناء سقوط المدينة في أيدي قوات الدعم السريع. وستنظر الدول في مشروع قرار يطلب من بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة إجراء تحقيق عاجل في الانتهاكات التي وقعت في الآونة الأخيرة والتي يتردد أن قوات الدعم السريع وحلفاءها ارتكبوها في الفاشر، مع تحديد هوية مرتكبيها.
وفي كلمة افتتاحية أمام المندوبين، حثّ فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي على التحرك. وقال “هناك الكثير من التصنع والتظاهر، والقليل من العمل. يتعين الوقوف في وجه هذه الفظائع التي تمثل استعراضا لاستخدام القسوة السافرة لإخضاع شعب بأكمله والسيطرة عليه”.
وندد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، بالعنف الذي تشهده مدينة الفاشر السودانية معتبرا أنه “وصمة عار” على المجتمع الدولي الذي فشل في وضع حدّ له. وقال تورك إنه “تم تصوير بقع الدم التي تلطّخ الأرض في الفاشر من الفضاء”.
أطراف حرب متنوعون
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا مدمّرة منذ نيسان/أبريل 2023، بدعم من أطراف خارجية. وقد دعت الأمم المتحدة الدول الأعضاء مرارا إلى “الامتناع عن أي تدخل خارجي” واحترام الحظر المفروض على الأسلحة، لكن من دون جدوى. وأهم أطراف هذا النزاع، الجيش النظامي، الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الرئيس الفعلي للبلاد، وقائد قوات الدعم السريع محمد دقلو. أما في بورتسودان، فتتمركز حكومة موالية للجيش بقيادة كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ.
وبخصوص اللاعبين الخارجيين، فلطالما اعتبرت مصر وتركيا من أبرز الداعمين الرئيسيين للجيش السوداني النظامي في هذه الحرب. بينما تعد الإمارات العربية المتّحدة الداعم الأساسي لقوات الدعم السريع عبر الأسلحة والمرتزقة، من بينهم خصوصا كولومبيون، يُرسلون عبر تشاد وليبيا وكينيا والصومال، برا أو جوا. وقطعت الحكومة الموالية للجيش علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات في أيار/مايو. بينما تنفي أبو ظبي أي تدخل من قبلها في الحرب الأهلية في السودان، رغم أدلة وردت في تقارير دولية وتحقيقات مستندة إلى معلومات مستمدة من مصادر علنية.
إلى ذلك يتهم الجيش السوداني تشاد والقوات الليبية الموالية للمشير خليفة حفتر، بدعم قوات الدعم السريع في منطقة حدودية استراتيجية في شمال غرب البلاد.
الإمارات “تحاسب” متورطين
وبعد تنامي الاتهامات لدولة الإمارات في سياق ما حدث بالفاشر مؤخرا، أعلنت نيابة أمن الدولة بالإمارات الجمعة، “الانتهاء من التحقيقات الجارية” في القضية المتعلقة بمحاولة تمرير كمية من العتاد العسكري إلى سلطة بورتسودان عبر الأراضي الإماراتية. وأضافت بأنه سوف تتم إحالة المتهمين إلى المحاكمة، وذلك في إطار التزام دولة الإمارات بالشفافية والعدالة”.
من جهتها نقلت وكالة أنباء الإمارات اليوم الجمعة استنادا لتصريحات مسؤول لم يكشف عن هويته، بأن “النائب العام للإمارات قد أعلن في 30 أبريل/نيسان الماضي أن أجهزة الأمن أحبطت محاولة لتمرير أسلحة وعتاد عسكري إلى سلطة بورتسودان بطريقة غير مشروعة، وألقت القبض على أعضاء خلية متورطة في عمليات اتجار غير مشروع بالعتاد العسكري وغسل الأموال، تخللتها أعمال وساطة وسمسرة وتحصيل عمولات بطرق خفية”.
وذكر المتحدث أن التحقيقات قد كشفت عن تورط أعضاء الخلية في تعاملات مع قيادات عسكرية سودانية، من بينهم ضباط ومسؤولون وسياسيون ورجال أعمال سودانيون، إلى جانب أشخاص وشركات مدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية والانتربول الدولي.
اتهامات للجيش السوداني
وحسب المصدر فإن “نتائج التحقيقات كشفت عن مفاجأة تتعلق بمصدر تمويل صفقات العتاد العسكري لصالح سلطة بورتسودان”، كما اشار إلى “توافر أدلة مادية ومقاطع صوتية ومرئية ومحادثات متبادلة بين أعضاء الخلية ومستندات متعلقة بالصفقات، منها عقود وقيود مالية وإقرارات تبين ترتيب التنفيذ وتمرير الأموال، كما أظهرت تقارير اللجان الفنية أن جزءا من التمويل تم عبر أحد البنوك العاملة داخل الإمارات”. ووجه الاتهام إلى لجنة التسليح بالجيش السوداني برئاسة عبد الفتاح البرهان ونائبه ياسر العطا، وبتنسيق من عثمان الزبير، المسؤول المالي بسلطة بورتسودان، بكونها الجهة التي تقف وراء هذه الصفقات، فيما نُقل عن النيابة العامة بأن أسماء أخرى ” سيعلن عنها لاحقا”.
وتابعت وكالة أنباء الإمارات بأن “الإمارات حسمت موقفها إنه لا تهاون في حماية أراضيها من أي نشاط غير قانوني يهدد أمن الدولة، ولا معبر للنزاعات ولا ملاذ لمهربي السلاح”.
تحرير: وفاق بنكيران
Source link



