أخبار العالم

أوروبا ـ محركات الاحتراق بين إكراهات المناخ وتحديات الاقتصاد – DW – 2025/12/20

تتجه المفوضية الأوروبية إلى إلغاء الحظر المفروض على استعمال محركات الاحتراق الداخلي اعتبارا من عام 2035. وجاءت تلك الخطوة في استجابةً لضغوط من شركات صناعة السيارات الأوروبية عموما والألمانية تحديدا. وكان الاتحاد الأوروبي قرر قبل نحو ثلاث سنوات عدم السماح للسيارات الجديدة بإصدار أي انبعاثات كربونية بعد عام 2035. ومن تداعيات التوجه الجديد، تخفيض الانبعاثات بنسبة 100%. وبدلاً من ذلك، سيتم إقرار استثناءات تكتفي بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 90% فقط، مقارنة بالسنة المرجعية 2021. ويُشترط أيضًا أن يتم تعويض الانبعاثات باستخدام الصلب الصديق للبيئة ووقود أكثر مراعاة للمناخ. ووفقًا للمفوضية، ستشمل هذه الاستثناءات جميع السيارات التي يرغب المصنعون في طرحها في السوق بعد عام 2035. ويتعين على البرلمان الأوروبي ودول الاتحاد الأوروبي دراسة هذه المقترحات، حيث ستقوم كل جهة بتقييم الإصلاح ويمكنهما إجراء تعديلات عليه.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة “ليدوفي نوفيني” التشيكية المحافظة (18 ديسمبر/ كانون الأول 2025) معلقة “نعم، لقد تراجعت المفوضية الأوروبية. لكن فقط بالقدر الذي يتم فيه تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لأساطيل السيارات الجديدة حتى عام 2035 بنسبة 90%، بدلاً من أن تكون صفرًا. ماذا يعني ذلك عمليًا؟ يعني أنه بعد عام 2035، ستظل السيارات من نوع الهجين القابل للشحن أو تلك التي تحتوي على ما يسمى “موسع النطاق” مسموحًا بها. هل هذا حقًا تغيير جذري؟ ثورة مضادة؟ أم أنه شيء يشبه بيريسترويكا ميخائيل غورباتشوف قبل 40 عامًا؟ حتى هذه العملية الإصلاحية لم تتمكن من إنقاذ الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت. واليوم، السؤال هو ما إذا كان التوافق الذي توصلت إليه مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن حظر محركات الاحتراق سيستطيع إنقاذ صناعة السيارات الأوروبية، صناعة لا ترتبط فقط بتقاليد عظيمة وسمعة عالمية، بل يعتمد عليها أيضًا الازدهار وملايين الوظائف (..) يتذكر المرء مقولة السياسي السوفيتي فيكتور تشيرنوميردين عن البيريسترويكا: كنا نريد الأفضل، لكن كما هو الحال دائمًا، جاء الأمر بشكل مختلف”.

المستشار ميرتس يُرحب بقرار بروكسل

وأعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس (16 ديسمبر/ كانون الأول) عن ترحيبه بمقترحات المفوضية الأوروبية. معتبرا أنه من الجيد أن تقوم المفوضية في بروكسل “بعد الإشارة الواضحة الصادرة عن الحكومة الألمانية” بتخفيف القواعد التنظيمية. وأضاف أن “زيادة الانفتاح التكنولوجي والمرونة هما خطوتان صحيحتان للجمع بشكل أفضل بين أهداف المناخ وواقع السوق وقطاع الأعمال وفرص العمل”. وأوضح ميرتس أن مقترحات المفوضية الأوروبية ستخضع الآن للفحص. وشدّد على أن الانفتاح التكنولوجي عنصرٌ أساسي، وضرورة تجنب زيادة البيروقراطية. وتابع أنه “لا نزال نرفض فرض حصص قانونية جديدة لأنواع المركبات في أساطيل سيارات الشركات. ويجب ألا يؤدي ذلك إلى إرهاق قطاع الشركات المتوسطة الألمانية لا عبر الحصص ولا عبر الإفراط في البيروقراطية”.

الرسوم الجمركية الأمريكية تهدد صناعة السيارات الأوروبية

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

هذا التخفيف الكبير للمفوضية الأوروبية الذي كان مخططًا له حتى عام 2035، سيمنح الشركات الألمانية هامشا أكبر، غير أن الفائز الواضح هو الصين، وفق صحيفة “تاغسشبيغل” البرلينية (16 ديسمبر/ كانون الأول). فقد كتبت معلقة: “لقد تمكنت صناعة السيارات الألمانية من تحقيق نجاح بالفعل قبل إعلان المفوضية الأوروبية عن قرارها (..) ورغم أن هناك من يُنذر بانهيار قطاع صناع السيارات، فقد تبين مرة أخرى مدى حيوية وتأثير هذا القطاع ومسؤوليه”.وأشارت الصحيفة إلى التهديد الذي تمثله صناعات السيارات الصينية رغم الخطوة الأوروبية وقالت: “اكتشفت الصناعة الأوروبية متأخرة أنها عرضة للهجوم. بكين تتقدم في توسيع التنقل الكهربائي، وفق قرار اتخذه الحزب الشيوعي في العقد الأول من الألفية الحالية. ولن تدع الدولة (الصينية) الفرصة تفوت من أجل إزاحة شركات صناعة السيارات الغربية من السوق، وذلك بفضل خبرتها في مجال البطاريات وموادها الخام ودعمها للشركات (الصينية) الناشئة في قطاع السيارات. وكلما ازداد شعور الشركات (الغربية) الوطيدة بعدم الأمان، ازدادت ثقة الصين بنفسها”.

“خطوة انتحارية بعواقب غير محسوبة”

كان من أبرز الانتقادات التي وجّهت لقرار الاتحاد الأوروبي بحظر محركات الاحتراق تتعلق أساسا بالتحديات التي يواجهها صانعو السيارات الأوروبيون في ظل المنافسة الشرسة من قبل الشركات الصينية. ويرى أرباب صناعة السيارات في التكتل القاري أن القرار وضعهم تحت ضغط كبير في وقت يعانون فيه من صعوبة التكيف مع تكنولوجيا السيارات الكهربائية، خاصة في مواجهة الشركات الصينية المدعومة بشكل أقوى من قبل حكومة بكين. هذا الدعم يجعلها قادرة على تقديم سيارات كهربائية بأسعار تنافسية في السوق الأوروبية، ما يهدد بتقويض قدرة الشركات الأوروبية على المنافسة. كما أن الانتقال السريع إلى السيارات الكهربائية يتطلب استثمارات ضخمة في البحث والتطوير، مما يرفع التكاليف ويجعل السوق الأوروبية أكثر عرضة للزيادة في أسعار السيارات. كما أن هناك مخاوف بشأن فقدان الوظائف في القطاع، إضافة إلى صعوبة في تعديل سلاسل التوريد، خاصة مع الاعتماد على الصين في بعض المكونات الأساسية مثل البطاريات.

صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية (16 ديسمبر/ كانون الأول) كتبت بهذا الشأن معلقة: “كان من المنطقي أن يتم تحديد هدف لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للمصنعين، مع ترك لهم حرية تحديد الطريقة التي يتبعونها لتحقيق ذلك. ولكن المفوضية (الأوروبية) رأت أنه من المناسب أن تفرض عليهم طريقة العمل وتفرض عقوبات مالية. مع هذا المرسوم الانتحاري: حظر محركات الاحتراق في أقل من خمس عشرة سنة لصالح المحركات الكهربائية، دون إجراء تقييم للآثار المترتبة على ذلك، ودون معرفة ما إذا كان هناك طلب من قبل العملاء”.

وتضيف “لوفيغارو”: “بما أن هذا القرار كان غير معقول بما فيه الكفاية، فقد نقل التركيز في صناعة السيارات بأكملها إلى مجال التفوق الصيني (..). لو كان الهدف هو تنظيم تدمير صناعة استثنائية تعتبر حاسمة للنمو والتوظيف في أوروبا، لما كان بالإمكان أن يتم الأمر بطريقة مختلفة. لقد تطلب الأمر مذبحة صناعية واجتماعية، قد يفقد مورّدو السيارات الأوروبيون 20% من وظائفهم – لتحقيق التحول المتوقع. ولكن لا شيء يضمن أن التعديلات المخطط لها ستتمكن من إنقاذ الوضع في ظل آلة الصين البخارية”.

تحرير: صلاح شرارة


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى